رامينا نيوز - إعداد: أحمد البشير

عندما يعتقد المرء بأنه يمتلك جميع الإجابات وجميع الحلول للمشاكل، فإنه بذلك يفقد فرصة تعلم المزيد عن موضوع معين يتعلق باختصاصه واكتساب الخبرة وتنمية شخصيته، ويطلق على هذا النوع من الشخصيات وصف "مدّعي المعرفة"، أي الذي يتوهم بأنه يعرف كل شيء .

وفي بيئة العمل، يعتبر "مدعي المعرفة" أحد أخطر أنواع الموظفين، إذ إنه قد يتسبب بخسائر فادحة للشركة في حال كان يشغل منصباً قيادياً فيها .

في الحقيقة هناك فرق شاسع بين الشخص الواثق من نفسه والشخص الذي يدّعي المعرفة، فالأول منفتح على حقيقة أن هناك الكثير من المعارف يمكن اكتسابها، لذلك نراه يستمع لآراء الآخرين وأفكارهم بصدر رحب، ويقيّم أي معلومات جديدة، ويقبل كل ما يضيف له رصيداً جديداً من المعرفة، بما ينمي قدراته العقلية، ونتيجة لذلك نجد هذا النوع من الأشخاص في عملية نمو مستمرة لاكتساب المزيد من الخبرات.

أما النوع الثاني من الشخصيات "مدعي المعرفة"، فإنه ينظر لأي وجهة نظر أو رأي يعارض أفكاره بمثابة هجوم شخصي عليه، ويقابل آراء الآخرين بأسلوب دفاعي كي يثبت عدم صحتها، لذلك فهو يرفض من دون تفكير أي فكرة تتناقض مع توجهاته الخاصة .

تقول آمي ريس أندرسون مؤسسة شركة "ريس كابيتال" إن الأثر الذي يتركه الشخص الذي يدّعي المعرفة بكل شيء على زملائه في العمل سلبي جداً، إذ إن وجودهم معه في اجتماع سيدفعهم إلى عدم المشاركة بأفكارهم، وبالتالي إلغاء أي تنوع في وجهات النظر . كما أن الموظف المجتهد في عمله سيحتفظ برأيه لنفسه، وسيفضل عدم الدخول في نقاش عقيم مع مثل هذا النوع من الموظفين، وفي جميع الأحوال سيكون الضرر الأكبر واقع على الشركة .

ويواجه المديرين صعوبة في التعامل مع هذا الموظف الذي يدعي بأنه على علم بكل شيء، لاسيما إن كانت لديه مهارات مفيدة للشركة، لكن على الرغم من أهمية هذه المواهب، إلا أنه يتوجب على المدير الحكيم اختيار نجاح الشركة، على بقاء هذا الموظف الذي يؤثر سلباً على ثقافة المؤسسة وأهدافها بتصرفاته السلبية . صحيح أن قرار صرفه سيكون صعباً، لكن على المدير أن يظهر لجميع الموظفين بأنهم متساوون في الأهمية والقيمة مهما اختلفت ألقابهم أو مناصبهم .

قد يكون التعامل مع موظف يدّعي معرفة كل شيء، أمراً لا مفر منه في بيئة العمل، وإذا لم نكن حذرين عند التعامل مع هذه الشخصية، قد نصبح مثلها في نهاية المطاف . إليكم بعض النصائح التي تساعدكم في كلتا الحالتين:

•           كيف تتعامل مع الشخص الذي يدّعي المعرفة:

أولاً: تجنب الدخول في مواجهة معه، حيث إن ذلك سيشعره بعدم الأمان وبالتالي يدفعه إلى التصرف بأسلوب دفاعي، لذلك فإن الحوار معه عقيم ولن يفضي إلى أي نتيجة، لأن هذا الشخص يعتقد بأنه معصوم عن الخطأ ولن يقتنع بما تقوله بغض النظر عن الأدلة التي تقدمها له والتي تعكس عدم صحة أفكاره .

ثانياً: لا تحاول تغييره، حيث إن ذلك يعد أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً، واعتقادك بأنك تستطيع تغيير أسلوب تفكيره لن يؤدي إلا إلى المزيد من الإحباط الناتج عن النقاشات العقيمة . وبدلاً من ذلك عليك أن تعرف بأن غروره ليس إلا قناعاً لإخفاء نقاط ضعفه، لذلك حاول أن تحافظ على رباطة جأشك وعامله بهدوء ولطف إن استطعت .

ثالثاً: كن مستعداً للثناء على مواهبه والاعتراف بالإنجازات التي يقدمها للشركة، فالإشادة به عند قيامه بعمل جيد، ستساعده على التفكير بواقعية، وتحفز حاجته إلى اكتساب المزيد من المعرفة والخبرة .

•           كيف تتجنب التحول إلى شخص يدّعي المعرفة:

أولاً:  اظهر رغبتك المستمرة في تعلم أشياء جديدة، وكن مرحباً بأي معلومات جديدة، فرغبتك الدائمة للمعرفة ستساعدك على البقاء في المسار الصحيح .

ثانياً: عندما تتحاور مع شخص حول موضوع تلم به، لا تتردد بطرح أفكارك، واحرص على إنهاء حديثك بشيء مثل: "هذا رأيي، ولكني أود سماع رأيك حول هذا الأمر أيضاً"، مما يؤكد للشخص الآخر بأنك تقدّر أفكاره وتتقبل أي آراء جديدة .

ثالثاً: لا تنظر إلى آراء وأفكار الآخرين بأنها تهديد لك، بل انظر إليها باعتبارها فرصة لتوسيع آفاق معرفتك، كما عليك الترحيب بمشاركة زملائك وحاول قدر الإمكان الاستفادة من الأفكار المطروحة.

مواضيع أخرى ربما تعجبكم

0 تعليقات

اترك تعليقاً

الحقول المطلوبة محددة (*).